
حَتَّى وَضَعْتُ يَمِيْني ما أُنازِعُهُا في كَفِّ ذِي نَقِـماتٍ قِيلُهُ القِيلُ
(نَقِماتٍ)، بمعنى: أنه ﷺ له سطوةٌ وبأس، وليس إنسانًا ضعيفًا، وهذا من سر كمال شخصية النبي ﷺ، وهو التوازن الأخلاقي، يعني: ما كانت صفاته هي الصفات الرحيمة واللينة والرفيقة حتى كأنه أسدٌ بلا مَخَالَب، ولكن كان يَتَّصف مع هذه الصِّفات اللَّيِّنة بصفاتٍ لا بُدَّ منها تُكَمِّل هذا التوازن، فكان عنده الرِّفْق ولكن عنده السطوة والقوة في محلِّها، ولهذا وصفه الله تعالى فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ} [القلم: 4]، ما قال: كريم، مع أن الغالب أن يوصف الخُلُق بالكَرَم، وليس بالعِظَم، ولكن لو قال: كريم لتَصوَّرنا منه الرفق واللين والرحمة وهذه الأخلاقيات اللينة، لكن قال: {خُلُقٍ عَظِيمٖ} لِتَدْخُل فيه الأخلاق المقابِلة لهذه، فهو رفيقٌ في موضعه، ولكنه شديد في موضع الشدة؛ {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ} [التوبة: 73].